للجميع... هذه نظرة الإسلام للمراة، فلماذا تقولون بقول الجاهلية؟ (1)

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فقد أحزنني كثيرا، كما يحزن الكثيرات الأسلوب الساخر الذي يتكلم به إخواننا من المسلمين عن النساء، ثم يسالوننا بعد ذلك ألا نستاء ولا نغضب، فيزيدون على إساءتهم أن يطلبوا منا أن تتبلد مشاعرنا، وردي هنا ليس ردا نفسيا، بل هو دعوة لإصلاح النظرة للمرأة حسب ما يتوافق مع تعاليم ديننا الحنيف، لا بما يتوافق مع الدعوات الجاهلية سواء لتحرير المرأة التحرير الفاسد، ولا تقييدها التقييد المحتقر لها.
لم يكن للمرأة أية حقوق قبل الإسلام, بل كان العربيّ قبل الإسلام – بطبعه – يكره البنات, ويعتبرهن عارًا، حتى أن بعض العرب الجاهليين اشتهر بدفن الإناث وهن أحياء، وقد صور القرآن ذلك بقوله: ((وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم(58) يتوارى من القوم من سوء ما بشر به، أيمسكه على هون أم يدسه في التراب، ألا ساء ما يحكمون)) [النحل: 58 – 59] .
ولم يكن حال المرأة عند غير العرب بأفضل من حالها عند العرب قبل الإسلام, فقد كانت تعدُّ عند اليونانيين من سقط المتاع, حتى أنها كانت تباع وتشترى في الأسواق, ولم تكن لها أية حقوق مدنية أو مالية, بل كان زوجها – بعد أبيها – هو صاحب الإشراف المطلق عليها حتى في أموالها, فلا تستطيع أن تبرم تصرفًا دون موافقته.
وكانت المرأة في الهند إذا مات زوجها لم يبق لها سبب للعيش من بعده, فكانت حياتها تنتهي بموت زوجها.
فماذا فعل الإسلام للمرأة؟ وماذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة؟ لقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يحب المرأة, لا يكرهها, ولا يحتقرها, فقال عليه الصلاة والسلام: "حبب إليَّ من دنياكم النساء والطيب, وجعلت قرة عيني في الصلاة" [رواه النسائي].
وأخبر صلى الله عليه وسلم عن مساواة المرأة للرجل في الإنسانية فقال عليه الصلاة والسلام: "إنما النساء شقائق الرجال" [رواه أحمد وأبوداود والترمذي]. فالرجال كلهم أولاد نساء ورجال, والنساء كلهن بنات رجال ونساء, فلا فضل لأحدهما على الآخر إلا بالإيمان والعمل الصالح.
والنبيّ صلى الله عليه وسلم قد جاء ليقرر المساواة بين الرجل والمرأة في الإيمان والعمل والجزاء على ذلك. واقرؤوا الآية 35من سورة الأحزاب، والآية 45 من سورة غافر.
وأبطل النبي صلى الله عليه وسلم تلك العادة القبيحة ورغب في تربية البنات والإحسان إليهن فقال عليه الصلاة والسلام: "من عال جارتين – أي بنتين – حتى تبلغا, جاء يوم القيامة أنا وهو, وضمَّ أصابعه" [رواه مسلم] وذلك إشارة إلى علوّ منزلته وقربها من النبي صلى الله عليه وسلم ، لا لشيء إلا لرعايته بناته وحفاظه عليهن حتى يصلن إلى سنّ البلوغ والتكليف.
وقال صلى الله عليه وسلم: "من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات، أو بنتان أو أختان, فأحسن صحبتهن, واتقى الله فيهن, فله الجنة" [رواه الترمذي وصححه الألباني].
وبهذا الأسلوب الترغيبي قضى النبي صلى الله عليه وسلم على عادة كانت متأصلة في نفوس العرب قبل الإسلام وهي عادة كراهية البنات واعتبارهن رمزًا للضعف والعار.
لقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تعليم المرأة فقال: "طلب العلم فريضة على كل مسلم" [رواه ابن ماجه] وهذا يشمل الرجل والمرأة. وجاءت امرأة إلى النبيّ  فقالت: يا رسول الله! ذهب الرجال بحديثك, فاجعل لنا من نفسك يومًا نأتي إليك فيه, تعلّمنا مما علمك الله, فقال عليه الصلاة والسلام: "اجتمعن يوم كذا وكذا" فاجتمعن, فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلّمهن مما علمه الله تعالى [رواه مسلم].


وللموضوع بقية في جزأين.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين....